شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة logo    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
98205 مشاهدة print word pdf
line-top
الله تعالى علم المخلوقات كلها بعلمه القديم

...............................................................................


فأولا: أن الله تعالى علم المخلوقات كلها بعلمه القديم الذي هو موصوف به أزلا وأبدا، فعلم ما سوف يكون مما يحدث إلى آخر الدنيا، يعلم من سيحرث هذه الأرض، ويعلم من سوف يغرس فيها، ويعلم ما تنبت به هذه النباتات، ويعلم من سوف يولد في هذا البلد، ومن سوف يعمره بعلمه القديم، قال الله تعالى: وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ .
وذكر في تفسير مفاتح الغيب: أنها الخمسة التي ذكرت في قول الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ هذه هي مفاتيح الغيب التي لا يعلمها إلا الله؛ علم الساعة، وكذلك وقت نزول المطر، وكذلك ما يكون في الأرحام أرحام الإناث، وكذلك ما يكون في غد من الأمور المستقبلة، وكذلك مواقع الحياة والموت لا يعلم ذلك على التفصيل إلا الله تعالى.
ويعلم ما في البر والبحر, كل ما في البر من نباتات، ومن حيوانات ومن وحوش ومن هوام، ومن سباع ومن دواب تدب على الأرض صغيرة وكبيرة، الله الذي خلقها وهو الذي يعلمها، وكذلك دواب البحر مع كثرتها وتفرقها، الله تعالى هو الذي يعلمها، وهو الذي يقدر لها رزقها: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا فهو عالم بكل شيء يعلم ما في البر والبحر.
وما تسقط من ورقة، أية ورقة صغيرة وكبيرة من شجرة إلا يعلم وقت سقوطها، متى تسقط ويعلم عددها، علم عدد الرمل حبة حبة، وعدد التراب وعدد أوراق الأشجار، وعدد زبد البحر ودواب البحر، وما من دابة في الأرض إلا الله تعالى خالقها، والمتكفل برزقها يرزقها إذا شاء.
كذلك الكتابة؛ أي أنه علم الموجودات قبل حدوثها وقبل وقتها، من سيأتي إلى قيام الساعة، وبعد ذلك لا يخفى عليه منه شيء, كذلك كتب ذلك كتبه في اللوح المحفوظ مع أنه عالم به.

line-bottom